بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.مطلب في قوله: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ} الدنيا وكيفية إهلاك قوم عاد:
{وَ}اذكر لقومك يا محمد{يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ}
فيقال لهم على رءوس الأشهاد{أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها}
فلم يبق لكم في الآخرة ما تكافأون عليه لأنكم استوفيتم حظكم في الدنيا
{فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهونِ} الذي فيه الذل والصغار والخزي والهوان
{بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}بطرا.
والكبرياء من خصائص الإله فلا يحق لكم أن تتصفوا به بسبب ما خو لكم من نعمه من مال و و لد ورئاسة
بل عليكم أن تشكروا نعمه وتتواضعوا لجلاله ليزيدكم(و) يجازيكم أيضا{بِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ}20
تخرجون عن طاعته وتتجاوزون حدوده وتقعون في حماه.
وقد وصف اللّه تعالى هذا الصنف بالاستكبار وهو من عمل القلب.
والفسق وهو من عمل الجوارح. وجعل عذابهم بالذل والهوان بمقابلة ذلك.
روى البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال:«دخلت على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم. فإذا هو متكىء على رمال حصير قد أثر في جنبه. فقلت أستأنس يا رسول اللّه؟ قال نعم. فجلست فرفعت رأسي في البيت فواللّه ما رأيت شيئا يرد البصر إلا أهبّة ثلاث. فقلت أدع اللّه أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم ولا يعبدون اللّه. فاستوى جالسا. ثم قال أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا. فقلت استغفر لي يا رسول اللّه».
طلب المغفرة رضي اللّه عنه إذ فهم من كلام صاحبه صلى الله عليه وسلم أن طلبه ذلك مما لا ينبغي أن يقع من مثله وظن أنه أخطأ باقتراحه ذلك. غفر اللّه له ورضي عنه يخاف من مثل هذا وهو مبشر بالجنة.
فكيف بنا أيها الناس؟ نسألك اللهم العفو والعافية والرضاء.
وقال جابر بن عبد اللّه:«رأى عمر بن الخطاب لحما معلقا في يدي. فقال ما هذا يا جابر؟ فقلت اشتهيت لحما فاشتريته. فقال أوكلما اشتهيت يا جابر اشتريت أما تخاف هذه الآية{أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ} ».
المصدر
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم